السبت، 5 ديسمبر 2015

المرأة في مجتمعنا

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله  وبعد:


من الملاحظة أن للمرأة في مجتمعنا وضعاً طيباً ومكانه مرموقة وضعه لها إسلامها بتشريعاته العظيمة وكفله مجتمعنا المحافظ على تعاليمه الغراء المباركة، لذا لن يلج دعاة التحرير والتغريب إليها ؛ لأنها في حصن حصين ؛ وذلك لأمور عدة منها:
أولاً: أن المرأة في مجتمعنا تعود ثقافتها إلى أصول ومرتكزات لا هوامش و فراغات، فهي قد رضعت منذ الصغر الحشمة وشربت لما كبرت كأس العفاف، فهي ترجع في ذلك لكتاب ربها وسنة رسولها، فهي قد علمت أن الحجاب والعفاف واجب أن التستر عن الأجانب هو الحل والقيام به هو الحق المبين فكيف بمن رضيت بالله ربا وبمحمد  رسولا أن تخلع جلبابها، وتخدش حياءها، وتعصي ربها ورسولها، هذا أمر عجيب، ما تفعله من كان عندها عقل نجيب.
ثانياً: أن المرأة في مجتمعنا تعلم علم اليقين أن الدعوات التي تثار ضد حجابها وعفافها وحيائها هي دعوات صادرة من أفواه ملئت قلوبها من ثقافة الغرب بل أترعت من تلك الثقافة الجرباء التي لا ترقب في مؤمن ولا مؤمنة إلاً ولا ذمة فأنى لها وهي المسلمة العالمة أن تستسلم لتلك الأفواه المريضة، فتخلع جلبابها، وتخدش حياءها وتعصي ربها ورسولها، هذا أمر بعيد المنال لمن وفقها الله لطاعته.
ثالثاً: أن المرأة في مجتمعنا لها أب وابن وأخ وزوج قد كفلوها وأكرموها ورعوها وقضوا لها حوائجها، فهي عندهم أغلى من الذهب، فأحدهم يقوم بذلك لأنه أمر عليه لازم، وفعله عليه متحتم واجب ؛ لأن الموجب له رب العالمين، فكيف بمن هذه حالها من الكفالة والتكريم وقضاء الحوائج والتدليل أن ترغب عن هذا النعيم وتستبدل به ألوان الجحيم من استجابة لدعوة التحرير، فتخلع جلبابها وتخدش حياءها وتعصي ربها ورسولها هذا أمر بعيد وإن صدر منها فإنه يدل على ضعف اليقين وتغليب اتباع العبيد  أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير  [البقرة:61].
رابعاً: أن المرأة في مجتمعنا تعلم أن الخوض في مسائل الحجاب وطرحه على أنه قضية تقبل الأخذ والعطاء أمر غير مسوغ النقاش فيه، وليس عرضه لإبداء الآراء فيه أمر مرغوب ؛ لأن أمر الحجاب والحشمة والتستر والعفاف والتسربل بالفضيلة أمر مطبق عليه منذ فجر الإسلام ومتفق عليه بين العلماء، فهي تعلم علم اليقين أن مسألة الحجاب والحشمة والعفاف والتستر لم تكن عند سلفها مثار الخوض والنقاش ؛ لأن القضية عندهن من الوضوح بمكان وأنه عندهم على مرور العصور والأزمان أن تخالف تاريخها؛ هي لن تفعل لأنها تأوي إلى ركن شديد قال ابن أرسلان "اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه"، "لم تزل عادة النساء قديما وحديثا يسترن وجوهن عن الأجانب".
فكيف بمن تعلم ذلك أن تسترسل مع الهوى وتستجيب لداعيه فتخلع جلبابها وتخدش حياءها وتعصي ربها ورسوله، أمر غريب ما يصدر إلا من قلب باع العاجل القريب بالنعيم المقيم العظيم، ولكن إن استجابت لداعي الهوى فهي في الواقع تسعى لضر نفسها وهتك سترها وإيقاع نفسها في مهاوي الردى لا أظن ذلك؛ لأنها تعلم أن ربها يقول:  ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة  [البقرة:195] فأي هلاك أعظم من هذا في حق نفسها ومجتمعها.
خامساً: المرأة في مجتمعنا تعلم أن دعاة الإسلام وحراس الفضيلة هم الذين يريدون لها الخير، وأن مايفعلونه في شأنها هو عين المصلحة؛ لأنه من معين الهدى وخارج من صلب الرسالة المحمدية فأنى لها وهي تعلم أن الواجب عليها طاعتهم أنى لها وهي تعلم أنها تغضب ربها ورسولها وتخدش حياءها وتخلع جلبابها، هذا أمر منها بعيد، والعمل به يغضب رب العبيد.
سادساً: المرأة في مجتمعنا تعلم أن هناك من بني جنسها من النساء الفاضلات من لهن مواقف طيبة وأقوال نيرة بها يرددون على دعاة التحرير والسفه، فأنى لها وهي تعلم ذلك أن تكون عنهم منشقة تسمع لدعاة الباطل ما يزخرفونه من القول، وأن الذي يدعونه إليه هو الباطل، أنى لها وهي تعلم ذلك أن تخلع جلبابها وتخدش حياءها وتعصي ربها ورسولها أمر عجيب فكيف  أتعجبين من أمر الله  [هود:73]. سابعاً: المرأة في مجتمعنا تعلم أن هناك من النساء من انساق وراء دعاة التحرير والسفه وجرين في طريق الغواية و الانحراف فخلعن الحجاب وجربن الاختلاط فما وجدن غير الشقاء فعدن القهقري يلتمسن النور بعد الظلمة والهدى بعد الضلال فعدن وهن لله يستغفرن ولحكمه مذعنات فأنى لمرأة عرفت ذلك أن تعصي ربها وتنكب عن دعوة رسوله، فتخلع جلبابها وتخدش حياءها أظن من تفعل ذلك قد أهلكت نفسها.
واعلمي يا أخية أن الأمة إذا أسندت مناصبها الكبيرة إلى صغار النفوس كبرت بها رذائلهم لا نفوسهم.
فإياك ومتابعة الهوى وصغار النفوس، فتصيبك منهم رذيلة فتصبحين في مجتمعك ذليلة، ومن صاحب الأشرار لم يسلم من الدخول في جملتهم.
و إياك أن تظني أن التحضر والتمدن هو الانسياق وراء عادات وتقاليد الغرب؛ لأن لكل مجتمع عاداته وتقاليده الموروثة و المستقاة من عقيدته فكيف بك تتنكبين عن عاداتك وتقاليدك وعقيدتك وتصرفين وجهك إلى غير قبلة؟
اسمعي رعاك الله إلى امرأة أمريكية خبرت الشرق وعرفت مشاكله وطافت بلدانه، فهي وإن كانت على غير هدى إلا إنها ناصحة وحق النصيحة أن تستمع، فهي تنصحك بالحجاب والتمسك بالأخلاق والبعد عن الاختلاط خذيها من غير رام أخية واتعظي، فو الله قد بلغتك الحجة وإياك والتردي في اللجة: إن المجتمع العربي كامل وسليم، ومن الخليق بهذا المجتمع أن يتمسك بتقاليده التي تقيد الفتاة والشاب في حدود المعقول، وهذا المجتمع يختلف عن المجتمع الأوروبي والأمريكي فعندكم تقاليد موروثة تحتم تقييد المرأة وتحتم احترام الأب والأم وتحتم أكثر من ذلك عدم الإباحية الغربية التي تهدد اليوم المجتمع والأسرة في أوروبا وأمريكا، ولذلك فإن القيود التي يفرضها المجتمع العربي على الفتاة الصغيرة _ وأقصد ما تحت سن العشرين_ هذه القيود صالحة ونافعة، لهذا أنصح بأن تتمسكوا بتقاليدكم وأخلاقكم، وامنعوا الاختلاط وقيدوا حرية المرأة، بل ارجعوا إلى عصر الحجاب، فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق ومجون أوروبا وأمريكا، امنعوا الاختلاط قبل سن العشرين، فقد عانينا منه في أمريكا الكثير، لقد أصبح المجتمع الأمريكي مجتمعا معقدا مليئا بكل صور الإباحية والخلاعة، وأن ضحايا الاختلاط والحرية قبل سن العشرين يملؤون السجون والأرصفة والبارات والبيوت السرية، إن الحرية التي أعطيناها لفتياتنا وأبنائنا الصغار قد جعلت منهم عصابات أحداث وعصابات (جيمس دين) وعصابات للمخدرات، والرقيق.. إن الاختلاط والإباحية والحرية في المجتمع الأوروبي والأمريكي قد هددت الأسر وزلزلت القيم الأخلاقية، فالفتاة الصغيرة تحت سن العشرين في المجتمع الحديث تخالط الشبان، وترقص (تشاتشا) وتشرب الخمر والسجائر وتتعاطى المخدرات باسم المدنية والحرية والإباحية.
والعجيب في أوروبا وأمريكا أن الفتاة الصغيرة تحت العشرين تلعب.. تلهو وتعاشر من تشاء تحت سمع عائلتها وبصرها، بل وتتحدى والديها ومدرسيها والمشرفين عليها، تتحداهم باسم الحرية والاختلاط، تتحداهم باسم الإباحية والانطلاق تتزوج في دقائق.. وتطلق بعد ساعات، ولا يكلفها هذا أكثر من إمضاء وعشرين قرشا وعريس ليلة _أو بضع ليال _ وبعدها الطلاق.. وربما الزواج فالطلاق مرة أخرى.
وبعد هل فهمت أخية مافي الخطاب عن الحرية والاختلاط وكيف أن أهله ينأون منه ويطلبون المخرج، ويعلمون أنهم على غير هدى، فقد تكونت ضحايا ملئت منهم السجون وباتت البيوت والأسر مهددة فلا قيم ولا أخلاق بل لهو ومجون ورقص وتمرد على القيم والأخلاق باسم الحرية والانطلاق والإباحية هذا هو ضريبة التخلي عن الهدى والتنكب عن طريق الرشاد، فكان الحصاد مر الطعم خبيث النكهة.
فهل لك أخية أن تصمي أذنيك وتحفظي قلبك عن سماع نداءات التحرير والاختلاط، فتكونين في بيتك مصونة وعن التبذل والابتزاز محفوظة وعلى تربية أبنائك وحفظ حقوق زوجك صبورة فما جزاء الصابرين إلا جنات النعيم جعلك الله منهم آمين. وقفات معك أيتها الأخت:
1_الخلوة والاختلاط قد ثبت أنها موصلة إلى الفاحشة وأن لم تؤد إليه اللحظة أو الفترة الزمنية القصيرة، لكن حتما في نهاية المطاف يحصل هذا وهو ما يثبته التاريخ في كل أمة خرجت عن مسار الفضيلة وغلبت جانب الاختلاط وفسحت للخلوة أن تحل مكان الحجاب.
2_ لا تصدقي الوهم القاتل أن الاختلاط لن ينتج عنه إلا الخير أو القول بأن الاختلاط سبب في الحجاب، هذه مغالطات لا تثبت في العقل ولا في الدين فكوني عاقلة.
3_ الدعوة إلى التحرير هي دعوة تتضمن في طيها محاكاة المرأة الغربية مما يسبب فقدان شخصيتك أختي الكريمة ويسقط ما يميزك من كونك مسلمة مستسلمة لله رب العالمين.
4_لتعلمي أنه لن يكون وراء الدعوة إلى التحرر رجال مجندات لجرك إلى الاختلاط باسم الظلم للمرأة والاعتداء عليها وأن لها حقوقاً لا بد من إعطائها إياها فلا حظي أنهما فريقان يزحفان إليك ليرداك في أودية التحرر والإختلاط ، رجال يطالبون بتوظيفك وخروجك وكشف وجهك حتى تخالطي الرجال.. فيوهمونك أنهم يدافعون عن حقوقك، ونساء يطالبون بأخذ الحقوق المزعومة فأنت الضحية، فلا تكوني الضحية وعليك بالتمسك بحبل الله المتين.
5_أخية: حقوقك قد كفلها الله لك فشرعه _ كتاب وسنة _قد تضمنا تلك الحقوق، فيعطي للمرأة ما اعطاها ربها ، لماذا نطالب بحقوق المرأة ومن ثم نلتفت نحو الغرب نستوحي تلك الحقوق  فما جزاء من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحياة الدنيا  [البقرة:85].
6_ أختي هل الحقوق في الأمة في جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية قد كملت، ولم يبق إلا النظر في حقوقك؟ أعتقد أن الجواب (لا) إذا مايفعله الفريقان من الرجال والنساء ان هو الا جرك إلى التحرر والاختلاط ؛ فكوني على حذر والا فستوضعين في كارثة لا تبقى ولا تذر.
7_أختي الكريمة دعاة السفور والتحرر هم يروجون لدعاية ان الحجاب صناعة محلية، وانه لم يكن الا منذ عقدين من الزمن، فهل انت لهذا الكذب مصدقة ولتاريخك المجيد مكذبة، حجابك له تاريخ عريق موغل في القدم، له اكثر من ثلاثة عشر قرنا وهو يرفرف على اجساد ووجوه الطاهرات العفيفات.


عبدالله بن سليم القرشي
دار القاسم

مكانة المرأة

مكانة المرأة



يزخر تاريخ البشرية بظلم لا حدود له، مارسه الحكام المستبدون والطغاة بحق المحرومين والمظلومين من بني الانسان. وإن المظلومين هم الذين كانوا ينتفضون بين برهة واخرى، استجابة لدعوة عبد صالح من ذرية الانبياء والصالحين، ضد عروش الظلم فيستنشق الناس نسيم العدالة بفضل تضحياتهم ومعاناتهم.
بيد أن رائحة التفرعن والاستكبار النتنة ما تفتأ أن تعود ثانية -عاجلاً أو آجلاً- بمساعدة المال والقوة والخداع، لتبدد عبير العدالة وتزكم أُنوف طلاب الحق والحقيقة.
عبر هذا الواقع المرير، واضافة الى نصيبها من هذا الظلم التاريخي، ابتليت "المرأة" -بوصفها نصف المجتمع البشري- بظلم مضاعف يطول شرحه؛ يضاهي الظلم الذي تعرضت له البشرية جمعاء. فالمرأة بوصفها "زوجة"، كانت شريكة الرجل في همومه ومعاناته، ودرعه في البلايا، بل كان ينبغي لها أن تتحمل اعباء المسؤولية في الكثير من الاحيان بمفردها؛ خاصة عندما كان ظلم الطغاة والمحن تودي بحياة زوجها.
وفضلاً عن ذلك كلّه، لم تكن المرأة تحظى بشأن أو مكانة تستحق التقدير؛ سواء كانت فتاة في بيت أبيها، أو زوجة إلى جنب زوجها، أو أُختاً في علاقتها مع إخوتها، وعموماً كامرأة في مقابل الرجل؛ إذ عالباً ما كان يتمّ تجاهلها واعتبارها عنصراً ضعيفاً، وحقيراً، ومشؤوماً؛ أو في أحسن الاحوال كائناً يثير العطف والشفقة.
ورغم أن هذا التمييز (بين المرأة والرجل) كان يتباين في الشدة والضعف من مجتمع لآخر، وثقافة وأخرى، وعلى مرّ التاريخ ايضاً؛ إلاّ أنه -مع الأسف- ليس
بالإمكان إنكار وجوده واستمراريته، وقد اتخذ في كل مرحلة وبرهة لوناً وصبغة خاصة ليس هنا مجال الخوض فيها.
فكما نعلم، أن عرب الجاهلية كانوا يرون في "وأد البنات" سبيلاً لا نقاذ الأُسرة من شرّ البنات. وفيما عدا فترة صدر الاسلام الوجيزة التي استعادت فيها المرأة كرامتهاو مكانتها الحقيقية -الى حدّ ما- بوحي من القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة، تراجعت مكانة المرأة ومنزلتها ثانية مع تطورات الحياة التي تزامنت مع إحياء التقاليد والنظم السابقة في صبغة الخلافة الإسلامية.
وبالتدريج وبمرور الزمن، أوجدت التصورات المتخلفة عن الإسلام قيوداً جديدة على النساء ح بقيت آثارها حتى العقود الأخيرة في أوساط التقليديين والمستنسّكين المتحجرين.
في مثل هذه الظروف، اتخذ الاستعمار وعملاؤه الذين كانوا يبحثون بوحي من نزعتهم التسلطية، عن سبل وأساليب مناسبة للنفوذ والتغلغل الثقافي والسياسي إلى مجتمعنا؛ اتخذوا من مكانة المرأة ذريعة لإشاعة ثقافة العُري والتحلل الخُلقي تحت لافتة الحرية والمساواة.
وفي هذا المجال لم يتوانوا عن استخدام أفضغ اساليب الاستبداد وأكثرها وحشية لفرض السفور ومطاردة النساء المحجبات، كما حصل أيام (رضا خان)(بعد الحركة الدستورية -المشروطة- ومنذ منتصف عام 1306 هجري شمسي بالتحديد، كان يدور في بعض المحافل المقرَّبة من رضا خانن كلام عن السفور الإجباري. ومع إطلالة العام الايراني الجديد 1307هـ.ش، ظهرت زوجة رضا خان وابنتاه سافرات أمام أنظار العامة. نُفِّذ قانون "السفور" لأول مرة في 17دي1314هـ.ش بعد عودة رضا خان من تركيا (1313هـ.ش)؛ حيث شارك رضا خان برفقة زوجته وبنتيه في حفل افتتاح معهد الفنون التمهيدية، الذي حضره أيضاً الوزارء ورجال الدولة برفقة أزواجهم. وكانت النساء سافرات جميعاً. وفي هذا الحفل خاطب رضا خان النساء بقوله: "اننا حطمنا قضبان السجن. وينبغي الآن لاولئك اللاتي تحررن من سجنهن أن يشيّدن بيتاً جميلاً بدلاً من القفص".
أثار تصرف رضا خان هذا موجة عارمة من السخط والاعتراض بين أوساط علماء الدين وأبناء الشعب، قابلها أعوان رضا خان بارتكاب مجازر وحشية في العديد من مدن البلاد المهمة بما فيها طهران وقم ومشهد، لسحق المعترضين.).
وفي عهد محمد رضا(محمد رضا بهلوي، شاه ايران السابق، الذي فرّ من البلاد في 16/1/1979، بإيحاء من الحكومة الاميركية، بعد تصاعد أحداث الثورة الاسلامية وبلوغها ذروتها.
نُصِّب محمد رضا بهلوي ملكاً على ايران في 25شهر يور 1320هـ.ش بعد إقالة أبيه ونفيه من قبل الحلفاء. واستمر حكمه 37عاماً حتى عام 1357(1978م). مثّلت فترة حكمه سيادة الاستعمار البريطاني، ثم السيادة المطلقة
للإمبريالية الاميركية التي نهبت ثروات ايران المادّية والمعنوية.) الذي خلف أباه، اتَّخذَتْ هذه الاساليب ظاهراً لا مخادعاً وماكراً، إذ راحت أدبيات النظام الشاه شاهي (الملكي) تحاول ذلك تحت شعار "المرأة رقّة وجمال". ففي منطق الشاه، تتمثل رسالة المرأة العصرية المتحررة من قيود الدين، في الاهتمام بمظهرها وجمالها، ولابد من إزالة جميع العقبات التي تعيق
تحقيق هذه الرسالة.
وبهذا النحو تمّ جرّ ليس النساء وحدهنّ، بل النصف الآخر من المجتمع -الرجال- أيضاً إلى قيد "المرأة رقّة وجمال" المؤلم. وقد شهدنا كيف استبدلت الساحات العامة والمتنزهات وأماكن الترفيه والمسابح و(البلاجات) الى ميادين لترجمة هذه السياسة الشاهنشاهية عملياً، وتحولت إلى بؤر للفساد والفسق والفجور وتخدير جيل الشباب؛ اضافة إلى الملاهي والمراقص والمحافل والملتقيات الرسمية وغير الرسمية.
ان نظرية "المرأة تعني الرقة والجمال" ما هي إلاّ نسخة مستعارة من صور المرأة في المجتمع الغربي. ومن المؤسف أنّ كرامة المرأة وشخصيتها الواقعية كانت قد نحرت في النسخة الاصلية ايضاً على مذبح الفلسفة الغربية المادية على طريق تحقيق "المنفعة واللذة" معبودَي الانسان الغربي وهدفه، وبذلك أمست المرأة في الحضارة الغربية في خدمة الدعاية والاعلان أو في خدمة الجنس وبيع جسدها بأرخص الأثمان. وفي كلتا الحالين تمارس دورها بأمر "الحاكم" كوسيلة للمتعة في خدمة السلطة.
اذا ما أخدنا بنظر الاعتبار الملاحظات المذكورة آنفاً، سيتضح لنا -بنحو أفضل- شموخ فكر الإمام الخميني الراحل وعظمة غنجازه وسطوعه، في إحياء هوية المرأة المسلمة الأصلية.
كان الإمام الراحل قد شهد بنفسه -عن كثب- التصورات المتحجرة التي ترى في المرأة كائناً "ضعيفاً" و "حريماً" ينبغي الإقفال عليه بعيداً عن الانظار.
ومن جهة اخرى كان سماحته قد أدرك جيداً بفطنته الباهرة، الدور الذي تؤديه "المرأة" التي يريدها الشاه والاستعمار، في إفساد المجتمعات الاسلامية وانحطاطها، وفقدانها لهويتها، ويأسها وضياعها.
ومن موقعه كمرجعٍ منفتح ومناضل، وباستقائه من الكوثر الزلال لمعارف الإسلام الاصيل، وتأمله الاجتهادي العميق في السنة النبوية الشريفة وتعاليم الأئمة الاطهار(عليهم السلام)، آمن الامام(قدس سره) بدور المرأة، والمسؤولية الملقاة على عاتقها، بنحو تجلّى بوضوح في الثورة الإسلامية بإحياء هوية المرأة المسلمة.
ان هذا الفهم الواعي والعميق لدور المرأة المسلمة ومسؤولياتها، هو الذي دفع النساء الإيرانيات الى خوض معترك الصراع، والمشاركة الواسعة في أحداث الثورة، رغم كل الجهود والمساعي التي بذلتها أجهزة الدعاية الاستعمارية، ورغم التقاليد المتحجرة التي اتخذت صبغة التمسك بالإسلام ذريعة لها. وكانت مشاركة

في فكر الامام الخميني

له تابع لا حقا