السبت، 5 ديسمبر 2015

المرأة في مجتمعنا

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله  وبعد:


من الملاحظة أن للمرأة في مجتمعنا وضعاً طيباً ومكانه مرموقة وضعه لها إسلامها بتشريعاته العظيمة وكفله مجتمعنا المحافظ على تعاليمه الغراء المباركة، لذا لن يلج دعاة التحرير والتغريب إليها ؛ لأنها في حصن حصين ؛ وذلك لأمور عدة منها:
أولاً: أن المرأة في مجتمعنا تعود ثقافتها إلى أصول ومرتكزات لا هوامش و فراغات، فهي قد رضعت منذ الصغر الحشمة وشربت لما كبرت كأس العفاف، فهي ترجع في ذلك لكتاب ربها وسنة رسولها، فهي قد علمت أن الحجاب والعفاف واجب أن التستر عن الأجانب هو الحل والقيام به هو الحق المبين فكيف بمن رضيت بالله ربا وبمحمد  رسولا أن تخلع جلبابها، وتخدش حياءها، وتعصي ربها ورسولها، هذا أمر عجيب، ما تفعله من كان عندها عقل نجيب.
ثانياً: أن المرأة في مجتمعنا تعلم علم اليقين أن الدعوات التي تثار ضد حجابها وعفافها وحيائها هي دعوات صادرة من أفواه ملئت قلوبها من ثقافة الغرب بل أترعت من تلك الثقافة الجرباء التي لا ترقب في مؤمن ولا مؤمنة إلاً ولا ذمة فأنى لها وهي المسلمة العالمة أن تستسلم لتلك الأفواه المريضة، فتخلع جلبابها، وتخدش حياءها وتعصي ربها ورسولها، هذا أمر بعيد المنال لمن وفقها الله لطاعته.
ثالثاً: أن المرأة في مجتمعنا لها أب وابن وأخ وزوج قد كفلوها وأكرموها ورعوها وقضوا لها حوائجها، فهي عندهم أغلى من الذهب، فأحدهم يقوم بذلك لأنه أمر عليه لازم، وفعله عليه متحتم واجب ؛ لأن الموجب له رب العالمين، فكيف بمن هذه حالها من الكفالة والتكريم وقضاء الحوائج والتدليل أن ترغب عن هذا النعيم وتستبدل به ألوان الجحيم من استجابة لدعوة التحرير، فتخلع جلبابها وتخدش حياءها وتعصي ربها ورسولها هذا أمر بعيد وإن صدر منها فإنه يدل على ضعف اليقين وتغليب اتباع العبيد  أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير  [البقرة:61].
رابعاً: أن المرأة في مجتمعنا تعلم أن الخوض في مسائل الحجاب وطرحه على أنه قضية تقبل الأخذ والعطاء أمر غير مسوغ النقاش فيه، وليس عرضه لإبداء الآراء فيه أمر مرغوب ؛ لأن أمر الحجاب والحشمة والتستر والعفاف والتسربل بالفضيلة أمر مطبق عليه منذ فجر الإسلام ومتفق عليه بين العلماء، فهي تعلم علم اليقين أن مسألة الحجاب والحشمة والعفاف والتستر لم تكن عند سلفها مثار الخوض والنقاش ؛ لأن القضية عندهن من الوضوح بمكان وأنه عندهم على مرور العصور والأزمان أن تخالف تاريخها؛ هي لن تفعل لأنها تأوي إلى ركن شديد قال ابن أرسلان "اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه"، "لم تزل عادة النساء قديما وحديثا يسترن وجوهن عن الأجانب".
فكيف بمن تعلم ذلك أن تسترسل مع الهوى وتستجيب لداعيه فتخلع جلبابها وتخدش حياءها وتعصي ربها ورسوله، أمر غريب ما يصدر إلا من قلب باع العاجل القريب بالنعيم المقيم العظيم، ولكن إن استجابت لداعي الهوى فهي في الواقع تسعى لضر نفسها وهتك سترها وإيقاع نفسها في مهاوي الردى لا أظن ذلك؛ لأنها تعلم أن ربها يقول:  ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة  [البقرة:195] فأي هلاك أعظم من هذا في حق نفسها ومجتمعها.
خامساً: المرأة في مجتمعنا تعلم أن دعاة الإسلام وحراس الفضيلة هم الذين يريدون لها الخير، وأن مايفعلونه في شأنها هو عين المصلحة؛ لأنه من معين الهدى وخارج من صلب الرسالة المحمدية فأنى لها وهي تعلم أن الواجب عليها طاعتهم أنى لها وهي تعلم أنها تغضب ربها ورسولها وتخدش حياءها وتخلع جلبابها، هذا أمر منها بعيد، والعمل به يغضب رب العبيد.
سادساً: المرأة في مجتمعنا تعلم أن هناك من بني جنسها من النساء الفاضلات من لهن مواقف طيبة وأقوال نيرة بها يرددون على دعاة التحرير والسفه، فأنى لها وهي تعلم ذلك أن تكون عنهم منشقة تسمع لدعاة الباطل ما يزخرفونه من القول، وأن الذي يدعونه إليه هو الباطل، أنى لها وهي تعلم ذلك أن تخلع جلبابها وتخدش حياءها وتعصي ربها ورسولها أمر عجيب فكيف  أتعجبين من أمر الله  [هود:73]. سابعاً: المرأة في مجتمعنا تعلم أن هناك من النساء من انساق وراء دعاة التحرير والسفه وجرين في طريق الغواية و الانحراف فخلعن الحجاب وجربن الاختلاط فما وجدن غير الشقاء فعدن القهقري يلتمسن النور بعد الظلمة والهدى بعد الضلال فعدن وهن لله يستغفرن ولحكمه مذعنات فأنى لمرأة عرفت ذلك أن تعصي ربها وتنكب عن دعوة رسوله، فتخلع جلبابها وتخدش حياءها أظن من تفعل ذلك قد أهلكت نفسها.
واعلمي يا أخية أن الأمة إذا أسندت مناصبها الكبيرة إلى صغار النفوس كبرت بها رذائلهم لا نفوسهم.
فإياك ومتابعة الهوى وصغار النفوس، فتصيبك منهم رذيلة فتصبحين في مجتمعك ذليلة، ومن صاحب الأشرار لم يسلم من الدخول في جملتهم.
و إياك أن تظني أن التحضر والتمدن هو الانسياق وراء عادات وتقاليد الغرب؛ لأن لكل مجتمع عاداته وتقاليده الموروثة و المستقاة من عقيدته فكيف بك تتنكبين عن عاداتك وتقاليدك وعقيدتك وتصرفين وجهك إلى غير قبلة؟
اسمعي رعاك الله إلى امرأة أمريكية خبرت الشرق وعرفت مشاكله وطافت بلدانه، فهي وإن كانت على غير هدى إلا إنها ناصحة وحق النصيحة أن تستمع، فهي تنصحك بالحجاب والتمسك بالأخلاق والبعد عن الاختلاط خذيها من غير رام أخية واتعظي، فو الله قد بلغتك الحجة وإياك والتردي في اللجة: إن المجتمع العربي كامل وسليم، ومن الخليق بهذا المجتمع أن يتمسك بتقاليده التي تقيد الفتاة والشاب في حدود المعقول، وهذا المجتمع يختلف عن المجتمع الأوروبي والأمريكي فعندكم تقاليد موروثة تحتم تقييد المرأة وتحتم احترام الأب والأم وتحتم أكثر من ذلك عدم الإباحية الغربية التي تهدد اليوم المجتمع والأسرة في أوروبا وأمريكا، ولذلك فإن القيود التي يفرضها المجتمع العربي على الفتاة الصغيرة _ وأقصد ما تحت سن العشرين_ هذه القيود صالحة ونافعة، لهذا أنصح بأن تتمسكوا بتقاليدكم وأخلاقكم، وامنعوا الاختلاط وقيدوا حرية المرأة، بل ارجعوا إلى عصر الحجاب، فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق ومجون أوروبا وأمريكا، امنعوا الاختلاط قبل سن العشرين، فقد عانينا منه في أمريكا الكثير، لقد أصبح المجتمع الأمريكي مجتمعا معقدا مليئا بكل صور الإباحية والخلاعة، وأن ضحايا الاختلاط والحرية قبل سن العشرين يملؤون السجون والأرصفة والبارات والبيوت السرية، إن الحرية التي أعطيناها لفتياتنا وأبنائنا الصغار قد جعلت منهم عصابات أحداث وعصابات (جيمس دين) وعصابات للمخدرات، والرقيق.. إن الاختلاط والإباحية والحرية في المجتمع الأوروبي والأمريكي قد هددت الأسر وزلزلت القيم الأخلاقية، فالفتاة الصغيرة تحت سن العشرين في المجتمع الحديث تخالط الشبان، وترقص (تشاتشا) وتشرب الخمر والسجائر وتتعاطى المخدرات باسم المدنية والحرية والإباحية.
والعجيب في أوروبا وأمريكا أن الفتاة الصغيرة تحت العشرين تلعب.. تلهو وتعاشر من تشاء تحت سمع عائلتها وبصرها، بل وتتحدى والديها ومدرسيها والمشرفين عليها، تتحداهم باسم الحرية والاختلاط، تتحداهم باسم الإباحية والانطلاق تتزوج في دقائق.. وتطلق بعد ساعات، ولا يكلفها هذا أكثر من إمضاء وعشرين قرشا وعريس ليلة _أو بضع ليال _ وبعدها الطلاق.. وربما الزواج فالطلاق مرة أخرى.
وبعد هل فهمت أخية مافي الخطاب عن الحرية والاختلاط وكيف أن أهله ينأون منه ويطلبون المخرج، ويعلمون أنهم على غير هدى، فقد تكونت ضحايا ملئت منهم السجون وباتت البيوت والأسر مهددة فلا قيم ولا أخلاق بل لهو ومجون ورقص وتمرد على القيم والأخلاق باسم الحرية والانطلاق والإباحية هذا هو ضريبة التخلي عن الهدى والتنكب عن طريق الرشاد، فكان الحصاد مر الطعم خبيث النكهة.
فهل لك أخية أن تصمي أذنيك وتحفظي قلبك عن سماع نداءات التحرير والاختلاط، فتكونين في بيتك مصونة وعن التبذل والابتزاز محفوظة وعلى تربية أبنائك وحفظ حقوق زوجك صبورة فما جزاء الصابرين إلا جنات النعيم جعلك الله منهم آمين. وقفات معك أيتها الأخت:
1_الخلوة والاختلاط قد ثبت أنها موصلة إلى الفاحشة وأن لم تؤد إليه اللحظة أو الفترة الزمنية القصيرة، لكن حتما في نهاية المطاف يحصل هذا وهو ما يثبته التاريخ في كل أمة خرجت عن مسار الفضيلة وغلبت جانب الاختلاط وفسحت للخلوة أن تحل مكان الحجاب.
2_ لا تصدقي الوهم القاتل أن الاختلاط لن ينتج عنه إلا الخير أو القول بأن الاختلاط سبب في الحجاب، هذه مغالطات لا تثبت في العقل ولا في الدين فكوني عاقلة.
3_ الدعوة إلى التحرير هي دعوة تتضمن في طيها محاكاة المرأة الغربية مما يسبب فقدان شخصيتك أختي الكريمة ويسقط ما يميزك من كونك مسلمة مستسلمة لله رب العالمين.
4_لتعلمي أنه لن يكون وراء الدعوة إلى التحرر رجال مجندات لجرك إلى الاختلاط باسم الظلم للمرأة والاعتداء عليها وأن لها حقوقاً لا بد من إعطائها إياها فلا حظي أنهما فريقان يزحفان إليك ليرداك في أودية التحرر والإختلاط ، رجال يطالبون بتوظيفك وخروجك وكشف وجهك حتى تخالطي الرجال.. فيوهمونك أنهم يدافعون عن حقوقك، ونساء يطالبون بأخذ الحقوق المزعومة فأنت الضحية، فلا تكوني الضحية وعليك بالتمسك بحبل الله المتين.
5_أخية: حقوقك قد كفلها الله لك فشرعه _ كتاب وسنة _قد تضمنا تلك الحقوق، فيعطي للمرأة ما اعطاها ربها ، لماذا نطالب بحقوق المرأة ومن ثم نلتفت نحو الغرب نستوحي تلك الحقوق  فما جزاء من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحياة الدنيا  [البقرة:85].
6_ أختي هل الحقوق في الأمة في جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية قد كملت، ولم يبق إلا النظر في حقوقك؟ أعتقد أن الجواب (لا) إذا مايفعله الفريقان من الرجال والنساء ان هو الا جرك إلى التحرر والاختلاط ؛ فكوني على حذر والا فستوضعين في كارثة لا تبقى ولا تذر.
7_أختي الكريمة دعاة السفور والتحرر هم يروجون لدعاية ان الحجاب صناعة محلية، وانه لم يكن الا منذ عقدين من الزمن، فهل انت لهذا الكذب مصدقة ولتاريخك المجيد مكذبة، حجابك له تاريخ عريق موغل في القدم، له اكثر من ثلاثة عشر قرنا وهو يرفرف على اجساد ووجوه الطاهرات العفيفات.


عبدالله بن سليم القرشي
دار القاسم

مكانة المرأة

مكانة المرأة



يزخر تاريخ البشرية بظلم لا حدود له، مارسه الحكام المستبدون والطغاة بحق المحرومين والمظلومين من بني الانسان. وإن المظلومين هم الذين كانوا ينتفضون بين برهة واخرى، استجابة لدعوة عبد صالح من ذرية الانبياء والصالحين، ضد عروش الظلم فيستنشق الناس نسيم العدالة بفضل تضحياتهم ومعاناتهم.
بيد أن رائحة التفرعن والاستكبار النتنة ما تفتأ أن تعود ثانية -عاجلاً أو آجلاً- بمساعدة المال والقوة والخداع، لتبدد عبير العدالة وتزكم أُنوف طلاب الحق والحقيقة.
عبر هذا الواقع المرير، واضافة الى نصيبها من هذا الظلم التاريخي، ابتليت "المرأة" -بوصفها نصف المجتمع البشري- بظلم مضاعف يطول شرحه؛ يضاهي الظلم الذي تعرضت له البشرية جمعاء. فالمرأة بوصفها "زوجة"، كانت شريكة الرجل في همومه ومعاناته، ودرعه في البلايا، بل كان ينبغي لها أن تتحمل اعباء المسؤولية في الكثير من الاحيان بمفردها؛ خاصة عندما كان ظلم الطغاة والمحن تودي بحياة زوجها.
وفضلاً عن ذلك كلّه، لم تكن المرأة تحظى بشأن أو مكانة تستحق التقدير؛ سواء كانت فتاة في بيت أبيها، أو زوجة إلى جنب زوجها، أو أُختاً في علاقتها مع إخوتها، وعموماً كامرأة في مقابل الرجل؛ إذ عالباً ما كان يتمّ تجاهلها واعتبارها عنصراً ضعيفاً، وحقيراً، ومشؤوماً؛ أو في أحسن الاحوال كائناً يثير العطف والشفقة.
ورغم أن هذا التمييز (بين المرأة والرجل) كان يتباين في الشدة والضعف من مجتمع لآخر، وثقافة وأخرى، وعلى مرّ التاريخ ايضاً؛ إلاّ أنه -مع الأسف- ليس
بالإمكان إنكار وجوده واستمراريته، وقد اتخذ في كل مرحلة وبرهة لوناً وصبغة خاصة ليس هنا مجال الخوض فيها.
فكما نعلم، أن عرب الجاهلية كانوا يرون في "وأد البنات" سبيلاً لا نقاذ الأُسرة من شرّ البنات. وفيما عدا فترة صدر الاسلام الوجيزة التي استعادت فيها المرأة كرامتهاو مكانتها الحقيقية -الى حدّ ما- بوحي من القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة، تراجعت مكانة المرأة ومنزلتها ثانية مع تطورات الحياة التي تزامنت مع إحياء التقاليد والنظم السابقة في صبغة الخلافة الإسلامية.
وبالتدريج وبمرور الزمن، أوجدت التصورات المتخلفة عن الإسلام قيوداً جديدة على النساء ح بقيت آثارها حتى العقود الأخيرة في أوساط التقليديين والمستنسّكين المتحجرين.
في مثل هذه الظروف، اتخذ الاستعمار وعملاؤه الذين كانوا يبحثون بوحي من نزعتهم التسلطية، عن سبل وأساليب مناسبة للنفوذ والتغلغل الثقافي والسياسي إلى مجتمعنا؛ اتخذوا من مكانة المرأة ذريعة لإشاعة ثقافة العُري والتحلل الخُلقي تحت لافتة الحرية والمساواة.
وفي هذا المجال لم يتوانوا عن استخدام أفضغ اساليب الاستبداد وأكثرها وحشية لفرض السفور ومطاردة النساء المحجبات، كما حصل أيام (رضا خان)(بعد الحركة الدستورية -المشروطة- ومنذ منتصف عام 1306 هجري شمسي بالتحديد، كان يدور في بعض المحافل المقرَّبة من رضا خانن كلام عن السفور الإجباري. ومع إطلالة العام الايراني الجديد 1307هـ.ش، ظهرت زوجة رضا خان وابنتاه سافرات أمام أنظار العامة. نُفِّذ قانون "السفور" لأول مرة في 17دي1314هـ.ش بعد عودة رضا خان من تركيا (1313هـ.ش)؛ حيث شارك رضا خان برفقة زوجته وبنتيه في حفل افتتاح معهد الفنون التمهيدية، الذي حضره أيضاً الوزارء ورجال الدولة برفقة أزواجهم. وكانت النساء سافرات جميعاً. وفي هذا الحفل خاطب رضا خان النساء بقوله: "اننا حطمنا قضبان السجن. وينبغي الآن لاولئك اللاتي تحررن من سجنهن أن يشيّدن بيتاً جميلاً بدلاً من القفص".
أثار تصرف رضا خان هذا موجة عارمة من السخط والاعتراض بين أوساط علماء الدين وأبناء الشعب، قابلها أعوان رضا خان بارتكاب مجازر وحشية في العديد من مدن البلاد المهمة بما فيها طهران وقم ومشهد، لسحق المعترضين.).
وفي عهد محمد رضا(محمد رضا بهلوي، شاه ايران السابق، الذي فرّ من البلاد في 16/1/1979، بإيحاء من الحكومة الاميركية، بعد تصاعد أحداث الثورة الاسلامية وبلوغها ذروتها.
نُصِّب محمد رضا بهلوي ملكاً على ايران في 25شهر يور 1320هـ.ش بعد إقالة أبيه ونفيه من قبل الحلفاء. واستمر حكمه 37عاماً حتى عام 1357(1978م). مثّلت فترة حكمه سيادة الاستعمار البريطاني، ثم السيادة المطلقة
للإمبريالية الاميركية التي نهبت ثروات ايران المادّية والمعنوية.) الذي خلف أباه، اتَّخذَتْ هذه الاساليب ظاهراً لا مخادعاً وماكراً، إذ راحت أدبيات النظام الشاه شاهي (الملكي) تحاول ذلك تحت شعار "المرأة رقّة وجمال". ففي منطق الشاه، تتمثل رسالة المرأة العصرية المتحررة من قيود الدين، في الاهتمام بمظهرها وجمالها، ولابد من إزالة جميع العقبات التي تعيق
تحقيق هذه الرسالة.
وبهذا النحو تمّ جرّ ليس النساء وحدهنّ، بل النصف الآخر من المجتمع -الرجال- أيضاً إلى قيد "المرأة رقّة وجمال" المؤلم. وقد شهدنا كيف استبدلت الساحات العامة والمتنزهات وأماكن الترفيه والمسابح و(البلاجات) الى ميادين لترجمة هذه السياسة الشاهنشاهية عملياً، وتحولت إلى بؤر للفساد والفسق والفجور وتخدير جيل الشباب؛ اضافة إلى الملاهي والمراقص والمحافل والملتقيات الرسمية وغير الرسمية.
ان نظرية "المرأة تعني الرقة والجمال" ما هي إلاّ نسخة مستعارة من صور المرأة في المجتمع الغربي. ومن المؤسف أنّ كرامة المرأة وشخصيتها الواقعية كانت قد نحرت في النسخة الاصلية ايضاً على مذبح الفلسفة الغربية المادية على طريق تحقيق "المنفعة واللذة" معبودَي الانسان الغربي وهدفه، وبذلك أمست المرأة في الحضارة الغربية في خدمة الدعاية والاعلان أو في خدمة الجنس وبيع جسدها بأرخص الأثمان. وفي كلتا الحالين تمارس دورها بأمر "الحاكم" كوسيلة للمتعة في خدمة السلطة.
اذا ما أخدنا بنظر الاعتبار الملاحظات المذكورة آنفاً، سيتضح لنا -بنحو أفضل- شموخ فكر الإمام الخميني الراحل وعظمة غنجازه وسطوعه، في إحياء هوية المرأة المسلمة الأصلية.
كان الإمام الراحل قد شهد بنفسه -عن كثب- التصورات المتحجرة التي ترى في المرأة كائناً "ضعيفاً" و "حريماً" ينبغي الإقفال عليه بعيداً عن الانظار.
ومن جهة اخرى كان سماحته قد أدرك جيداً بفطنته الباهرة، الدور الذي تؤديه "المرأة" التي يريدها الشاه والاستعمار، في إفساد المجتمعات الاسلامية وانحطاطها، وفقدانها لهويتها، ويأسها وضياعها.
ومن موقعه كمرجعٍ منفتح ومناضل، وباستقائه من الكوثر الزلال لمعارف الإسلام الاصيل، وتأمله الاجتهادي العميق في السنة النبوية الشريفة وتعاليم الأئمة الاطهار(عليهم السلام)، آمن الامام(قدس سره) بدور المرأة، والمسؤولية الملقاة على عاتقها، بنحو تجلّى بوضوح في الثورة الإسلامية بإحياء هوية المرأة المسلمة.
ان هذا الفهم الواعي والعميق لدور المرأة المسلمة ومسؤولياتها، هو الذي دفع النساء الإيرانيات الى خوض معترك الصراع، والمشاركة الواسعة في أحداث الثورة، رغم كل الجهود والمساعي التي بذلتها أجهزة الدعاية الاستعمارية، ورغم التقاليد المتحجرة التي اتخذت صبغة التمسك بالإسلام ذريعة لها. وكانت مشاركة

في فكر الامام الخميني

له تابع لا حقا

السبت، 14 نوفمبر 2015

طريقان لمعرفة الله

طريقان لمعرفة الله

لقد كتبت كتب كثيرة منذ أقدم الازمنة حتى اليوم، وجرت بحوث و مساجلات عديدة بين العلماء و المفكرين حول معرفة الله. 

كلّ فريق من هؤلاء اختار للوصول الى هذه الحقيقة طريقاً خاصاً، غير أنَّ أفضل الطرق و أسرعها في ايصالنا الى مبدأ عالم الوجود طريقان اثنان
أ - طريق من الدّاخل "أقرب الطرق"

ب - طريق من الخارج "أوضح الطرق"

نبدأ أوّلاً بالغور في أعماقنا لنسمع نداء التوحيد من داخلنا، و في المرحلة التالية نسيح في عالم الخليقة الشّاسع لنطالع آيات اللّه في سيماء كلّ الموجودات و في قلب كل الذّرات. إنَّ في كلّ من هذين الطريقين بحوثاً مسهبة، إلاّ أنَّنا سوف نسعى في مقالة موجزة بحث كلاًّ من هذين الطريقين بحثاً مجملاً.

طريق من الدّاخل
دعونا نفكّر في المواضيع التّالية

1- يقول العلماء: إنَّ أي شخص، مهما كان عنصره وطبقته، إذا ترك و شأنه دون تعليم أو ارشاد، ودون أنْ يسمع آراء المؤمنين والملحدين، فإنّه يتّجه بذاته نحو قوة قادرة قاهرة ترتفع فوق المادة وتحكم الكون بأسره.

إنَّ هذا الانسان يحس أن في أعماق قلبه وزوايا نفسه نداءً لطيفاً مفعماً بالمحبّة والرّحمة، وفي الوقت نفسه مكين وثابت، يدعوه الى المبدأ العظيم والقادر العليم الذي ندعوه: الله.

ذلك هو نداء الفطرة الطاهرة!

وقد ينجرف هذا الشخص مع التيار المادي وحركة الحياة اليومية الزّاخرة بالبهرجة والزّينة، فينشغل بها موقتاً عن سماع ذلك النداء. ولكنه عندما يواجه الشّدائد والمشكلات والمحن، وعندما تهاجمه الحوادث الطبيعية المرعبة، كالسيول والزّلازل والفيضانات ولحظات القلق في طائرة تتلاعب بها العواصف. نعم، عندما تقصر يده عن الوصول الى عون مادي، ولا يجد ملجأ يلوذ به، يقوى هذا النداء في داخله، ويحس أن في كيانه قوّة تجتذبه نحوها، قوّة هي فوق كلّ القوى، وقدرة غامضة يسهل عليها حلّ جميع المشكلات بيسر.

قليل جداً من النّاس من لا يتّجه الى خالقه عند مواجهة الأزمات والشّدائد، ولايتذكر الله دون اختيار. هذا الامر هو الذي يدلّنا على مدى قربنا منه، ومدى قربه منّا، بل إنَّه في أرواحنا وضمائرنا.

إنَّ نداء الفطرة موجود دائماً في وجدان الانسان، ولكنه يقوى في هذه اللحظات.

2- يكشف لنا التّاريخ أنَّ رجالاً من ذوي السّلطة والمقدرة كانوا في الاوقات العادية يأنفون حتى من ذكر اسم الله، ولكنّهم إذا ما شعروا بأنَّ قواعد سلطتهم أخذت تهوي، وأنَّ قصور وجودهم بدأت تنهار، راحوا يمدون يد التوسل الى هذا المبدأ العظيم، لإنّ نداء الفطرة عاد يرن في اسماعهم بجلاء من جديد.

يقول التاريخ: عندما أوشك فرعون على الغرق في الأمواج المتلاطمة، ورأى أنَّ هذا الماء الذى كان سبب إحياء بلاده وأساس قوته المادية، قد أصدر عليه حكماً بالاعدام، وأنّه عاجز حتى عن دفع أمواج هذا الماء، وأنَّ يده قاصرة عن نفعه في شيء، أخذ يصرخ عالياً: لا إله ولا معبود سوى إله موسى العظيم. لقد صدرت هذه الصرخة في الحقيقة، من فطرته الباطنية، ولا يقتصر هذا على فرعون، فكلّ من يمر بظروف مماثلة يسمع هذا النداء نفسه؟

3- إذا رجعت الى أعماق نفسك وجدت أنَّ هناك نوراً يتلألأ في باطنك ويدعوك الى الله. ولعلك قد صادفت في حياتك بعض الازمات الشّديدة والطّرق المسدودة بحيث أنك يئست من العثور على الحل والعلاج. لاشك أنَّك في مثل تلك الحالات قد خطرت لك حقيقة وجود قوة قادرة في عالم الوجود تستطيع أنْ تحل مشكلتك بكل سهولة.

في تلك اللحظات تشعر انك قد احتواك أمل يمازجه في داخلك حبّ ذلك المبدأ العظيم، وأنَّ ذلك الأمل قد أزاح عن قلبك كلّ سحب اليأس القاتمة. 

نعم، هذا هو أقصر الطرق التي تبدأ من داخل المرء للوصول الى الله، بارىء عالم الوجود.

يقول الله في كتابه الكريم: ﴿فَإذا رَكِبُوا فِي الفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ اِلى البَرِّ إذا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾.(العنكبوت:65)

*سلسلة دروس في العقائد الاسلامية، آية الله مكارم الشيرازي. مؤسسة البعثة، ط2 ، ص22-25

الفطرة والعادة

الفطرة والعادة

إننا نسمع نداء التوحيد وعبادة الله دائماً من أعماقنا، وإنَّ هذا النداء يقوى ويشتد عند مواجهة المشكلات والصعاب، فنتذكر الله دون اختيار ونستعين بلطفه اللامحدود ومحبّته الشاملة اللانهائيين.

هنا قد يسأل سائل: إنَّ هذا الاحساس الدّاخلي الذي نصفه بأنه فطري، ألا يحتمل أنْ يكون من إفرازات المحيط الاجتماعي وتلقينات الأبوين والمعلمين في البيت والمدرسة حتى أضحى عادة مألوفة؟

الجواب
جواب هذا السّؤال يتبين بوضوح بالانتباه الى مقدمة قصيرة. إنَّ العادات والرّسوم اُمور طارئة متغيرة وغير ثابتة. أي إنَّنا لا يمكن أنْ نعثر على عادة من العادات ظلت سارية بين البشر على امتداد التاريخ. إنَّ العادة السائدة اليوم قد تتغير غداً، كما أن عادات قوم ورسومهم قد لا تكون كذلك بين أقوام آخرين.

وبناء على ذلك، إذا رأينا أمراً موجوداً عند كل الاقوام والملل وفي كل عصر وزمان، بدون استثناء، أدركنا أنّه لابدّ أنْ تكون له جذور فطرية وأنَّه داخل ضمن تكوين الانسان ونسيجه.

من ذلك تعلق الاُمّ بوليدها، فلا يمكن أنْ يكون هذا الدّافع نتيجة الإيحاء والتلقين ولا عادة من العادات، لأنّنا لا يمكن أنْ نعثر بين قوم من الاقوام أو شعب من الشعوب في أي عصر وزمان على اُمّ تجفو وليدها وترفضه.

بديهي أنّ هناك استثناءات شاذة نجد فيها اُمّاً تقضي على وليدها بسبب بعض الامراض النّفسانية، أو نرى أباً من العصر الجاهلي يئد ابنته متأثراً بمعتقدات خرافية خاطئة. ولكن هذه حالات نادرة سريعة الزّوال، انقرضت من بين الناس وعادت الحالة الى وضعها الطبيعي من حبّ الأبوين لاطفالهما.

بعد هذه المقدّمة نلقي نظرة على قضية عبادة الله بين اُناس هذا العصر واُناس الماضي: 

بالنظر لكون هدا المقال على شيء من التعقيد فيرجى ملاحظة ذلك.

1- يؤكد علماء علم الاجتماع والمؤرخون المشهورون أنَّ البشرية لم يمرّ بها زمان ليس لها ضرب من الدين أو الايمان بشيء، فقد كان الدّين موجوداً في كل عصر وزمان. وهذا دليل بيّن على أنَّ عبادة الله تنبع من فطرة الانسان وضميره، ولا دخل للتلقين والرسوم والعادات فيها، إذ لو كان لها أي أثر في إيجاد الدين لما كان عامّاً ولا خالداً.

هنالك قرائن تدل على أنَّ انسان ماقبل التاريخ كان يدين بنوع من الدّين (عصور ما قبل التاريخ تطلق على الازمنة التي مرّت على الانسان قبل اختراع الكتابة، يوم لم يستطع أنْ يترك وراءه كتابات تدلّ عليه).

بديهي أنَّ الانسان القديم البدائي لم يكن قادراً على تصور الله وجوداً فوق الطبيعة، لذلك كان يبحث عنه بين الكائنات الطبيعية، وراح يصطنع لنفسه آلهة أصناماً من بين الكائنات الطبيعية، ولكن الانسان بتقدمه الفكري استطاع بالتدريج أنْ يعثر على الحق، وأنْ يشيح بوجهه عن الاصنام وهي أشياء مادية، ليتوجه الى ما وراء هذا العالم المادي ويتعرف على قدرة الله العظيمة.

2- يصرح بعض علماء النفس بأنَّ لروح الانسان أبعاداً أربعة أو دوافع أربعة
أ- دافع المعرفة: وهو الذي يحث الانسان على طلب العلم ويثير في النفس التعطش الى التعلم، سواء كان ذلك ذا نفع مادي له، أم لم يكن.

ب- دافع الصّلاح: وهو مصدر الاخلاق الانسانية الصالحة في البشر.

ج- دافع الجمال: وهو منشأ ظهور الشعر والادب والفن بمعانيها الحقيقية.

د- الدافع الدّيني: وهو الذى يدعو الانسان الى معرفة الله وإطاعة أوامره.

وعلى هذا فإنَّ الحس الديني ذو جذور أصلية في الانسان، أي أنه لم يفارقه لحظة ولن يفارقه أبداً.

3- ان معظم الماديين والملحدين يعترفون بشكل ما بوجود الله، على الرغم من أنّهم يمتنعون عن ذكر اسمه الصريح، وإنّما يطلقون عليه اسم الطبيعة أو أسماء اُخرى، ولكنّهم يعزون الى الطبيعة صفات أشبه بصفات الله تعالى.

يقولون مثلاً: إذا كانت الطبيعة قد وهبت الانسان كليتين فذلك لأنّها تعلم احتمال اصابة التلف احداهما، فتقوم الاُخرى باداء وظيفتها الحياتية، وما الى ذلك من الاقوال. فهل ينسجم هذا القول مع طبيعة عمياء، أم ينسجم مع إله يتصف بعلم لا نهاية له، وانْ اطلقوا عليه اسم الطبيعة؟

نستنتج ممّا مرّ بنا في البحث الاُمور التّالية
1- حبّ الله كان فينا دائماً وسيكون فينا دائماً أيضاً.
2- الايمان بالله شعلة خالدة تدفىء قلب الانسان وروحه.

لكي نعرف الله لسنا مضطرين للسير مسافات طويلة، بل علينا أنْ ننظر في اعماقنا لنجد الايمان به هناك.

يقول القرآن الكريم: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد﴾(ق:16) 

*سلسلة دروس في العقائد الاسلامية، آية الله مكارم الشيرازي، مؤسسة البعثة، ط2، ص27-31



عالمية الإسلام وخلوده

عالمية الإسلام وخلوده



المقدمة
إن الإيمان بكل الأنبياء، والتصديق بكل رسالاتهم من المعتقدات الضرورية في الإسلام، وأن إنكار أحد الأنبياء أو أحد أحكامه وتعاليمه يعني إنكار الربوبية التشريعية الإلهية، وبمثابة كفر إبليس. 

ومن هنا، فبعد إثبات رسالة الإسلام، يلزم الإيمان به، والإيمان بكل الآيات النازلة عليه، وبجميع الأحكام والتعاليم التي جاء بها من الله تعالى. 

ولكن الإيمان بكل نبي، وبكتابه السماوي، لا يستلزم لزوم العمل وفق شريعته.

فالملاحظ أن المسلمين يؤمنون بكل الأنبياء العظام عليهم السلام وجميع الكتب السماوية، ولكن لا يمكنهم ولا يجوز لهم العمل بالشرائع السابقة. ومن الواضح أن الوظيفة العملية لكل أمة هي: العمل بتعاليم النبي المرسل لتلك الامة، إذن، فلزوم عمل الناس جميعاً بالشريعة الإسلامية انما يثبت فيما لو لم تختص رسالة نبي الإسلام بقوم (كالعرب)، وكذلك فيما لو لم يبعث نبي آخر بعده ينسخ شريعته، وبعبارة أخرى: إن الإسلام دين عالمي وخالد.

ومن هنا، يلزم علينا البحث في هذه المسألة: هل إن رسالة نبي الإسلام صلى الله عليه وآله عالمية وخالدة؟ أم أنها تختص بقوم أو زمان معين؟ ومن الواضح أنه لا يمكن دراسة هذه المسألة بالمنهج العقلي البحت، بل لا بد من الإعتماد على منهج البحث في دراسة العلوم النقلية والتاريخية، اي لا بد من مراجعة المستندات والمصادر المعتبرة، ومن ثبت عنده أن القرآن الكريم على حق، وثبت عنه نبوة نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وعصمته، فليس هناك أي مصدر آخر أكثر إعتباراً لديه من الكتاب والسنة.

عالمية الإسلام‏
إن عالمية الدين الإسلامي، وعدم إختصاصه وتحديده بقوم أو منطقة معينة، من ضروريات هذا الدين الإلهي، وحتى غير معتنقيه يعلمون بأن الدعوة الإسلامية عامة شاملة، وغير محددة بمنطقة جغرافية معينة. إضافة إلى ذلك، هناك الكثير من الشواهد والدلائل التاريخية التي تدل على أن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله قد بعث الرسائل لرؤساء وملوك الدول القائمة آنذاك، أمثال قيصر الروم، وشاه إيران، وحكام مصر والشام والحبشة، ورؤساء القبائل العربية المختلفة. وأرسل لكل واحد منهم رسولا خاصا، ودعاهم جميعا لاعتناق هذا الدين المقدس، وحذرهم من مغبة الكفر والمساوئ المترتبة على إمتناعهم عن إعتناق الإسلام1، ولو لم يكن الدين الإسلامي، عالميا لما تحقق مثل هذه الدعوة الشاملة، ولكان هناك عذر ومسوغ لسائر الأقوام والأمم عن عدم إعتناقه. إذن فلا يمكن التفكيك بين الإيمان بأن الإسلام على حق، وضرورة العمل وفق هذه الشريعة الإلهية، ولا يستثني أي أحد عن الإلتزام العملي بهذا الدين الإلهي.

الأدلة القرآنية على عالمية الإسلام‏
إن القرآن الكريم هو أفضل الأدلة وأكثر المصادر إعتبارا على هذه الحقيقة، وهو المصدر المعتبر والحجة المعتبرة لكل الناس. ومن ألقى نظرة ولو كانت عابرة على هذا الكتاب الإلهي يدرك بكل وضوح عمومية دعوته، وعدم اختصاصها بقوم، أو عنصر، أو لسان. 

ومنها: أنه يخاطب الناس جميعا في آيات كثيرة: (يا أيها الناس)1 أو (يا بني آدم)2 ويرى هدايته شاملة لجميع البشر (الناس)3 و(العالمين)4، وقد جعل رسالة النبي الأكرم موجهة لجميع الناس (الناس)5 و(العالمين)6. وقد أكد في احدى آياته شمول دعوته لكل من إطلع عليها7 ومن جانب آخر يخاطب معاتبا. أتباع الأديان الأخرى بـ(هل الكتاب)8، ويثبت رسالة النبي صلى الله عليه وآله في حقهم، ويرى الهدف من نزول القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وآله هو إعلاء الإسلام وإظهاره على سائر الأديان9.

ومع التأمل في هذه الآيات، لا يبقى أي شك في عمومية الدعوة القرآنية وعالمية الدين الاسلامي المقدس.

خلود الإسلام‏
كما أن الآيات المذكورة تثبت عمومية الإسلام وعالميته، من خلال استعمال الألفاظ العامة أمثال (بني آدم، والناس، والعالمين)، وتوجيه الخطاب للامم الأخرى من غير العرب، وأتباع الأديان الأخرى أمثال (يا أهل الكتاب)، فهي كذلك ومن خلال الإطلاق الزماني تنفي أي تحديد وتقييد له بزمان معين، وخاصة هذا التعبير (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّه)10، حيث لا يبقى معه شك في هذا المجال.

ويمكن الإستدلال على هذه الحقيقة أيضا بالآيتين (41) و(42) من سورة فصلت: (إِنّ‏َ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَاب عَزِيز، لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيل مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ). 

حيث تدل على أن القرآن الكريم لن يفقد صحته واعتباره أبدا. كما أن الأدلة التي تثبت ختم النبوة بنبي الإسلام تبطل كل ما يتوهم عن نسخ هذا الدين الإلهي، بواسطة نبي آخر أو شريعة أخرى.

وقد وردت روايات كثيرة تتضمن هذه الفكرة: "حلال محمد حلال أبداً إلى يوم القيامة، وحرامه حرام أبداً إلى يوم القيامة"11.

اضافة إلى أن خلود الاسلام كعالميته من ضروريات هذا الدين الإلهي، ولا يحتاج إلى دليل آخر غير الادلة التي تثبت أن الإسلام على حق.

معالجة بعض الشبهات‏
إن أعداء الاسلام الذين بذلوا كل جهودهم في الوقوف بوجه هذا الدين الإلهي، والمنع من إنتشاره وإتساعه، حاولوا من خلال طرح بعض الشبهات أن يثبتوا أن الدين الإسلامي إنما نزل للجزيرة العربية فحسب، وليست رسالته شاملة لسائر الناس!

وقد تمسكوا ببعض الآيات التي تدل أن النبي صلى الله عليه وآله إنما كان مأمورا بهداية عشيرته وأقربائه، أو أهل مكة وما يحاذيها ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾(الشعراء:214)12. وكذلك الآية (69) من سورة المائدة فإنها بعد أن أشارت لليهود والصابئين والنصارى إعتبرت محور السعادة في الإيمان والعمل الصالح، ولم تتطرق إلى تأثير إعتناق الدين الإسلامي في السعادة.

وإضافة لذلك، فإن الفقه الاسلامي لم يعتبر أهل الكتاب بمستوى المشتركين، بل يرى أنهم لو دفعوا الجزية (وهي بدل الخمس والزكاة المفروضين على المسلمين) فلهم الأمان في ظل الدولة الإسلامية، ويمكنهم العمل بأحكام شريعتهم، وهذا دليل على إعتبار سائر الأديان.

ونقول في الجواب: ان الآيات تذكر عشيرة النبي صلى الله عليه وآله أو أهل مكة، إنما هي في مجال بيان مراحل الدعوة، حيث تبدأ من عشيرته الأقربين، وبعد ذلك تمتد لسائر أهل مكة وما يحاذيها، ثم تأخذ بالإتساع لسائر البشر في العالم، ولا يمكن لهذه الآيات أن تكون مخصصة للآيات الدالة على عالمية رسالة النبي صلى الله عليه وآله، وذلك لإنه بالاضافة إلى أن شكل التعبير في هذه الآيات ولحنها يأبى عن التخصيص فإن مثل هذا التخصيص يلزم منه تخصيص الأكثر وهو مستهجن عند العقلاء.

وأما الآية المذكور في سورة المائدة، فهي في مجال بيان هذه الحقيقة، بأن مجرد الإنتساب لهذا الدين أو ذاك لا يكفي لغرض الوصول للسعادة الحقيقية، بل إن عامل السعادة هو الإيمان الواقعي والعمل بالوظائف التي شرعها الله تعالى لعباده. ووفق الأدلة التي تثبت عالمية الإسلام وخلوده فإن وظيفة الناس جميعا بعد ظهور نبي الإسلام هي العمل بأحكام هذا الدين وتشريعاته. 

وأما الميزة التي تميز أهل الكتاب عن سائر الكفار في الدين الإسلامي فلا تعني إعفاءهم عن إعتناق الإسلام والعمل بأحكامه، بل إنه في واقعه ارفاق دنيوي في حقهم لبعض المصالح، وفي رأي الشيعة إن هذا الإرفاق مؤقت، سيعلن عن الحكم النهائي في حقهم، في زمان ظهور ولي العصر عجل الله فرجه وسيكون الموقف منهم كالموقف من سائر الكفار، ويمكن إستفادة هذا المعنى من قوله تعالى: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّه﴾.


*دروس في العقيدة الاسلامية ،إعداد ونشر جمعية المعارف الاسلامية الثقافية.ط1،ص165-170

1- البقرة:21، والنساء:1-174، وفاطر:15.
2- الاعراف:26-27-28-31-35، ويس:60.
3- البقرة:185-187، وآل عمران:138، وابراهيم:1-52، والجاثية:20، والزمر:41، والنحل:44، والكهف:54، والحشر:21.
4- الانعام:90، ويوسف:104، وص:87، والتكوير:27، والقلم:52.
5- النساء:79، والحج:49، وسبأ:28.
6- الأنبياء:107، والفرقان:1.
7- الأنبياء:107، والفرقان:1.
8- آل عمران:65، و70 و71 و98 و99 و110، والمائدة:19.
9- التوبة:33، والفتح:28، والصف:9.
10- البقرة: 21، والنساء: 1، 174، وفاطر: 15.
11- الكافي، ج‏1، ص 58، وج‏2، ص‏17، والبحار، ج‏2، ص 260، وج 24، ص 288، ووسائل الشيعة، ج 18، ص 124. 
12- وأيضاً: الانعام:92، والشورى:7، والسجدة:3، والقصص:46، ويس:5-6.

السبت، 23 مايو 2015

أفضل الوسائل للنوم مبكراً



أفضل الوسائل للنوم مبكراً
    عرض الموقع الأميركي "metro" نصائحا لمن يعاني من صعوبة في النوم ليلاً، لافتاً الى أن "أولها الاستماع إلى الموسيقى، فقد أثبتت العديد من الدراسات أن الاستماع للموسيقى الهادئة لمدة 45 دقيقة قبل النوم يساعدك على الاسترخاء والتغلب على الأرق".

    فيما حذر الموقع من "استخدام الهاتف الذكي أو الكمبيوتر وجميع الأجهزة الذكية قبل النوم بساعتين على الأقل"، مشيراً الى "امكانية تدوين جميع الأفكار الموجودة بذهنك أو الخطط التي تنوي القيام بها في الغد في ورقة لتتوقف عن التفكير فيها".

    ورأى الموقع ان "تغيير وضع فراشك قد يساعدك على النوم، بالاضافة الى تناول الموز لاحتوائه على الماغنسيوم والبوتاسيوم"، مشدداً على "محاولة التركيز على عدم النوم، وهي الحيلة التي تمكنك من خداع عقلك ليشعر بالنوم، مع ارتداء الجوارب لتساعدك على الشعور بالدفء والإحساس بالاسترخاء والاستغراق في النوم".

   

الجمعة، 22 مايو 2015

تعامل مع الآخرين واكسب ودهم في 10 خطوات فقط


تعامل مع الآخرين واكسب ودهم
في 10 خطوات فقط
    ذكرت أحدث الدراسات خطوات تجعل من الإنسان محبوبا بين الآخرين ومميزا بينهم، لافتةً الى أن "الابتسامة تعمل على جعل الإنسان مقبولا لدى الآخرين حتى وإن كانوا لا يعرفونه، فالابتسامة تعرف طريقها إلى القلب"، مشيرةً الى أنه "يجب على الإنسان أن يعتاد التعاون مع الآخرين في حدود مقدرته لكن شريطة أن يطلب منه ذلك حتى لا يقع بشكل خاطئ في موضع الإنسان الفضولي في نظرهم".

    وشددت الدراسة على "ضرورة المحافظة على المواعيد مع الآخرين واحترامها فاحترام الإنسان للمواعيد يدل على احترامه لهم وبالتالي سيبادلونه نفس الاحترام والتقدير"، معتبرةً أنه "على الإنسان الحرص على التواضع بغير تفريط في شخصيته مهما بلغت منزلته لأن التواضع يجعله أكثر ثقة وجمالا وبالتالي سيجعل الآخرين يحرصون على معاملته بشكل أكثر احتراما".

    ولفتت الدراسة الى "ضرورة أن يبتعد الإنسان عن التكلف في الكلام أو التصرفات وأن يكون على طبيعته مع ضرورة الحرص على عدم فقد الاتزان والتفكير فيما يقوله قبل أن يتحدث"، مشددةً على "ضرورة أن يتجنب الإنسان أن يكون لحوحا في طلب حاجته من الآخرين، بالإضافة إلى تجنب إحراجهم في بعض المواقف الأخرى"، مشيرةً الى "ضرورة الاحتراس من الكلام الكثير بدون داعٍ فهو سلوك سيء، يبعد الآخرين، ويؤدي إلى الوقوع في الكثير من الأخطاء".

    وأشارت الدراسة الى "ضرورة التركيز على الأشياء الجميلة في الآخرين يساعد على كسب ودهم خلال الحديث معهم والسؤال عنهم في حال غيابهم، كذلك "الاعتراف بالحق فضيلة" وهي قاعدة أساسية يجب أن يضعها الإنسان في اعتباره عندما يتعامل مع الآخرين فهي تساعده على كسب ودهم وأن يصبح قدوة لهم"، مشددةً على "ضرورة الاحتراس من التصرف بعنف، فالغضب والعنف لا يولدان سوى الكراهية، فيجب أن يعامل الإنسان الآخرين بمثل ما يحب أن يعاملوه به".

من قال ان الخفاش ليس له عيون مبصرة

  من قال ان الخفاش ليس له عيون مبصرة
     يعتقد الكثيرون ان "الخفاش "الوطواط" اعمى، أو ان الخفاش ليس له عيون مبصرة الا ان هذا اعتقاد خاطىء".

    لكن الحاسة الأساسية التي يستعملها الخفاش لتحديد مواقع الأشياء هي "السونار الحيوي، وهي القدرة على اصدار اصوات والتي ترتد "صدى الصوت" لتخبر الخفاش عن وجود عوائق في الطريق وعلى اي مسافات توجد".

    إلا ان "الخفاش له عيون ويستطيع رؤية الأشياء بها الا انها ليست الحاسة الأساسية لديه في الطرق والتعرف إلى الأشياء".



-- 

المشروبات المحلاة تؤثر على صحة المراهقات


  المشروبات المحلاة تؤثر على صحة المراهقات
أظهرت دراسة نشرت نتائجها، اليوم الأربعاء، أن استهلاك المشروبات المحلاة يؤثر على صحة الفتيات الصغيرات، حيث إنه قد يؤدي إلى حلول موعد العادة الشهرية للمرة الأولى بشكل مبكر وزيادة طفيفة في خطر الإصابة بسرطان الثدي في فترة لاحقة.
وتابع الباحثون نحو 5500 أميركية بين سن التاسعة والـ14 بين عامي 1996 و200، وتبين لهم أن اللواتي يشربن أكثر من كوب ونصف الكوب من المشروبات المحلاة في اليوم تأتيهن العادة الشهرية أبكر بـ2.7 شهر بشكل وسطي، مقارنة مع اللواتي يستهلكن كوبين وأقل في الأسبوع.
وأوضح الباحثون أنهم توصلوا إلى هذه النتيجة بعدما استبعدوا تأثير الوزن والطول والأغذية المستهلكة والنشاط الجسدي على بدء الدورة الشهرية عند المراهقات.
وقالت كارين ميشال، الأستاذة المساعدة في جامعة "هارفرد مديكال سكول" في بوسطن والتي أشرفت على الدراسة المنشورة في مجلة "هيومان ريبروداكشن" الطبية: "تشير دراستنا إلى أن حلول العادة الشهرية أتت في وقت أبكر، بغض النظر عن مؤشر كتلة الجسم، لدى الفتيات اللواتي يستهلكن الكميات الأكبر من المشروبات المحلاة".
يذكر أن الوزن الزائد والبدانة يؤديان إلى ارتفاع في معدل كتلة الجسم، وهما يعتبران من العوامل الرئيسية للبلوغ المبكر والعادة الشهرية المبكرة، كما أنهما عاملان مرتبطان باحتمال أكبر للإصابة لاحقا بسرطان الثدي.
ورأى معدو الدراسة أن حدوث العادة الشهرية في وقت مبكر قد يكون له تأثير على الإصابة بسرطان الثدي في وقت لاحق بنسبة 1%، مؤكدين أن ذلك يعتبر "طفيفا".
ولم يجد الباحثون أي فرق بين حلول العادة الشهرية للمرة الأولى بين الشابات اللواتي يشربن المشروبات الغازية بسعرات حرارية متدنية أو عصير الفاكهة (من دون إضافة السكر إليه)، وتلك اللواتي يستهلكن كمية قليلة من المشروبات المحلاة.
إلا أن خبراء آخرين شككوا في هذه الدراسة، وشددوا، عند سؤالهم عنها، على أن معدي الدراسة لم يجمعوا معطيات الطول والوزن، بل أخذوها من تصريحات العائلات التي لا تكون موثوقة بالضرورة "مما قد يؤدي إلى تعديل كبير في الاستنتاجات"، على ما أكده ميشال كول، وهو طبيب أطفال متخصص في الغدد والبلوغ المبكر.
ومن جهته، قال ايوان هيوز من جامعة "كامبريدج" إن السن الوسطي لحصول العادة الشهرية للمرة الأولى في المجموعة كان 12.7 سنة، "وهو سن طبيعي جدا ولم يتغير في السنوات الـ40 أو الـ50 الأخيرة. نتساءل إن كان فرق قدره 2.7 شهر أمرا ذا دلالة".